في خطوة يراها كثر «ايجابية» و «ذكية» على صعيد تعزيز أجواء الحرية والانفتاح والتفاهم بين مختلف شعوب المنطقة، تطلق
مجموعة «أم بي سي» اليوم قناة «mbc Persia» للأفلام المترجمة إلى اللغة الفارسية. وتقوم هذه القناة على تقديم باقة من
الأفلام التي ترى انها تلبي حاجات شرائح المشاهدين الإيرانيين، لا سيما الشباب منهم، بما يوفر لهم خيارات مختلفة تناسب الأذواق
والأهواء، خصوصاً أنهم يعانون في بلادهم من وطأة منع كل ما يأتي من الخارج وتصويره على هيئة «غزوات إعلامية وثقافية» تستهدف «تدمير الأمة» و «تثبيط عزيمتها الحديدية» و «كسر إرادتها الفولاذية».
واضح أن القناة التي ستكون أشبه بنسخة عن قناة «أم بي سي 2» المختصة ببث الأفلام المترجمة الى اللغة العربية ستعتمد بطبيعة
الحال على بث عدد كبير من أفلام هوليوود المتربعة على عرش السينما العالمية، ما سيقود (ربما) إلى ظهور ردود أفعال في إيران
مناوئة لهذه القناة باعتبارها «تعمل على نشر الرذيلة والفجور» و «تعميم الثقافة الغربية» وتسويق قيم «الشيطان الأكبر» بغية «استهداف شباب الجمهورية الإسلامية» و «صرفهم عن الالتزام بقيم الثورة الخمينية وتعاليمها».
يمكن القول استناداً إلى ما هو معهود من مجموعة «أم بي سي» أن الوليد الجديد للشبكة سيشكل إضافة نوعية في سماء الفضاء
التلفزيوني في العالمين العربي والإسلامي، لجهة تدشين تقاليد التبادل معرفياً وثقافياً وإعلامياً بين شعوب المنطقة (لا سيما بين
ضفتي الخليج العربية والإيرانية) التي لطالما عانت من هزال، بل غياب، استراتيجيات سياسية وإعلامية جادة ومتنورة لتكريس ثقافة
الحوار والتعايش وقبول الآخر في ما بينها بدلاً من ثقافة القطيعة والتنابذ والاستعلاء. ومن الواضح هنا ان «أم بي سي» تعتمد على
سابقة ناجحة في هذا المضمار تبدت من خلال تدشينها عصر سيادة الدراما التركية المدبلجة إلى العربية ببثها مسلسلات تركية آخرها
مسلسلا «سنوات الضياع» و «نور» مع ما ترتب على ذلك من آثار إيجابية مثمرة على صعيد تمتين البنية التحتية للعلاقات العربية - التركية وتعزيزها على المستوى الشعبي، فضلاً عن تعريف المشاهد العربي بالكثير من سمات واقع الحياة التركية، ما ساهم في كشف حقائق (مثل جمال الطبيعة الخلابة في تركيا التي هي على مرمى حجر من العالم العربي) كانت غائبة لا لشيء إلا لانعدام التواصل وغياب التبادل الثقافي بمعناه الإنساني الواسع.